هل أحيا بالطريقة الصحيحة؟

بقلم: 
القِسّ يَري رَنْكِنِ
ترجمة وتدقيق: 
حسيب شحادة

لقد خلق الله الإنسانَ على صورته ومِثاله. وهذا يعني. أنّه في أشياءَ معيّنة، جعل اللهُ الإنسانَ شبيهًا به. وقد عرفت صورةُ الله - كما يعلَم اللهُ - ما هو الصوابُ وما هو الخطأ. وكصُور لله ، فهِم البشر أنّه يجب عليهم الابتعادُ عن الشرّ وعمل الشيء الصحيح، وقد فعلوا الشيءَ الصحيح دوما. إنّ خَلقَنا على صورة الله يعني أنّنا مسؤولون عن أفعالنا أمامَ الله أيضا. وسيدعو الله البشرَ لتقديم تقرير حول ما إذا قد عاشوا في طريق الله - وهل فعلوا ما هو صحيح.

ثمّ كان السقوط. ونتيجة لذلك فقدَ المرء القدرةَ على العيش بشكل صحيح. لقد وقع السقوط، وعليه فنحن نفعل ما لا يجِب فعلُه ولا يمكننا التوقّف عن ذلك، مع أنّنا نعرف أنه خطأ، ونحاول ألا نعيش على هذا النحو. كما نتج عن السقوط أنّ قدرة الإنسان على التمييز بين الصواب والخطأ غدت غير واضحة المعالِم. وبسبب السقوط، لوّثتِ الخطيئة صميمَ أعماقِنا فعَلَته غشاوة لدرجة جعلتِ الحقّ خطأً والخطأ صوابا؛ وذلك غالبًا ما يحدُث. لذلك، نحن بحاجة لتمييز الصواب منَ الخطأ ويتأتّى ذلك من خارج أنفسنا. حتّى بعدَ حُلول السقوط، فإنّنا ما زِلنا صُورًا لله - ولدينا إحساس بالصواب والخطأ، على الرغم من ضبابيّة ذلك الإحساس، ونحن مسؤولون أمامَ الله عن أفعالنا.

الله يعرِف الصوابَ والخطأ ويفعَل الصواب دائما. ولم يحتفظِ الله بمعرفة الصواب والخطأ لنفسه فقط. إنّه يحدّثُنا عن ذلك بإعطائنا كلمتَه، وهذا يعني أمرَيْن:

١) لقد أعطانا الله الكتاب المقدَّسَ. دوّن رجال الله ونساؤُه ما يريد الله أن يقولَه للناس الذين خلقهم. ثمّة عددٌ لا يُعدّ ولا يُحصى من آيات الكتاب المقدّس، التي تتّخذ موقفًا حيالَ الصواب والخطأ؛ إنّها مواقفُ الله - الله الذي يعرِف بالضبْط ما هو الصواب وما الخطأ. لهذا السبب، يجِب علينا، نحن الذين غدا إحساسُنا بالصواب والخطأ غيرَ واضحَ المعالِم، أن نُصغي إليه

٢) الله بنفسه جاء إلى هذا العالَم، وكان ذلك عندما وُلد يسوعُ المسيحُ كإنسان. هو كلام الله والله نفسُه - فيه تكلّم ربُّ السماء والأرض، علَّم وعمِل. وبناءً على ذلك، فإنّ ما علّمه يسوعُ المسيحُ عنِ الصواب والخطأ هو من عند الله. حينما نسأل ما هو الصواب، علينا أن نسأل عمّا يفكِّر فيه يسوعُ المسيحُ عن ذلك. وإذا علِمنا ذلك، عرِفنا موقفَ الله؛ وإنّ ما يُفكِّر عنه يسوعُ المسيحُ نتعلَّمُه منَ الكتاب المقدّس؛ فهو كتاب خاصّ عنه.

إنّ ما يقولُه الكتاب المقدَّسُ عنِ الصواب والخطأ، يرجّع صداه (يرِنّ) في ما يدركُه البشر بنحو غامض في قلوبهم. عندما نسمَع ما يأمر به الكتاب المقدَّس أو ما ينْهى عنه، يبدو الأمر كما لو أنّ شيئًا ما سيهمِس في داخلنا، ”هذا صحيح“ - حتّى لو كنّا سنثور ضده ونعْصاه. لماذا الأمر هكذا؟ لأنّ الكتاب المقدَّس هو كتاب خالِقنا وقد جبلَنا على صورته ومثاله. شيءٌ ما في داخل كلّ واحدٍ منّا يتّفق مع ما يقولُه خالقُنا عنِ الصواب والخطأ. فلْيُشجِّعنا هذا إذن على إبقاء وصايا الكتاب المقدّس في المقدّمة والعمل وَفقًا لها.

وفي الاتّحاد السوڤياتي، تمَّ حظرُ تعليم وصايا الكتاب المقدّس، وأُتلِفت نُسخ الكتاب المقدَّس، وٱستُبدلت تعاليمُه بتعاليمَ ومعتقداتٍ بشريّة، بدتْ أفضلَ بكثير ممّا في الكتاب المقدّس. ماذا جرى؟ مرّت عقودٌ قليلة، وخلال تلك الفتْرة، حدث الكثير: تعلّم الناسُ السرقة والكذب والعيشَ غير آبهين بجيرانهم . لقد تعرّض الاقتصاد الوطنيّ لمحنةٍ ولم تستطعِ الأمّة اجتيازَها من دون مساعدة دول أخرى. وحتّى البيئة أصابها التلوّثُ. هذا ما حصل، وهذا سيحصُل، حيثُ يتمّ تجاهلُ الكتاب المقدّس ووصاياه.

يحتوي الكتاب المقدّس على إرشادات ممتازة لحياتنا. إذا تجاهلتَ تعليماتِ التشغيل التي يقدِّمها صانعُ بعض الأجهزة، فسيتعطّل الجهاز عمّا قريب. إنّ صانعَ (خالِق) هذا العالَم يتحدّث في الكتاب المقدّس. وهو يعرف كيف علينا أن نعيش في العالَم الذي أوجدَه، بحيثُ يكون جيّدًا قدْرَ الإمكان لأكبر عدد ممكنٍ منَ الناس.

إن كلَّ التعليم في الكتاب المقدّس، بخصوص الصواب والخطأ، مذكورٌ في وصيّة الحبّ العُظمى المزدوجة، ”فقال له يسوعُ : تُحِبُّ الربَّ إلهَك من كلّ قلْبِك، ومن كلّ نفسِك، ومن كلّ قكرِك. هذه هي الوصيّة الأولى والعظمى. والثانية مثلُها: تُحبُّ قريبَك كنفسِك“ (متّى ٢٢: ٣٧-٣٩). يقينًا سيُوافق الجميعُ على أنّنا يجِب أن نُحبّ. ولكن الخلاف حول ماهيّة الحبّ. ما هو الحبّ وكيف يتحتّم علينا أن نتصرَف في حالات مختلفةٍ إذا أحببْنا، أثمّة شيء لا نعرِفه، وإذا لم يتمّ إخبارُنا به من خارج أنفسنا، الكتاب المقدّس. إنّ الوصايا الأخرى في الكتاب المقدّس تُسلِّط الضوءَ على وصية الحبّ المزدوج. والوصايا العشرُ هي شرح شاملٌ لوصية الحبّ. والوصايا الثلاث الأولى تحكي لنا ما معنى محبّة الله: عدم خدمة آلهة أُخرى، وعدم ذِكر اسم الله باطلًا، والحِفاظ على قُدسيّة يوم السبت. أما الوصايا الباقية من الرابعة ولغاية العاشرة فتروي لنا ما معنى أن نحبَّ الجار؛ أن نُكرم والديْنا، لا نقتل ، لا نزني، لا نسِرق ،لا نشهَد شَهادة زور، ولا نطمع في أيِّ شيء لجارِنا.

كما أنّ هنالك الكثير من الوصايا الأخرى في الكتاب المقدّس. وهي تشرح وتوضّح معنى محبّة الله وجارِنا. ويُذكّرٍنا الكتاب المقدّسُ بشكر الله في جميع الحالات والظُّروف (تسالونيكي الأولى ٥: ١٨) لأنّ تقديمَ الشكر لله هو محبّة الله. كما يذكّرُنا الكتاب المقدّسُ بدفْع الضرائب (رومية ١٣: ٥-٧، حتّى لو كانت تبدو مُفرطة ومبالََغ فيها. إنّ ما نقتطعه أو نخصِمُه عند الانتهاء من التقرير الضريبي هو، في الواقع، اللامبالاة تُجاهَ شخص آخرَ.

ممّا قام به يسوعُ المسيحُ على الأرض، كيف تصرّف وما قاله نعرِف ما هي محبّة الله ومحبّة إخوتِنا في الإنسانية. وقد عمِل الله بنفسه في يسوعَ المسيحِ، ولن يكسِر وصيّة المحبّة. لقد أحبّ يسوعُ وقام بما هو صواب حتّى في الظروف التي نظُنّ أنّه كان ينبغي التعاملُ معها بشكلٍ مختلف. عندما تفكّر مليًّا في ما هو الحبّ وما يجِب فعلُه، فكِّر في ما سيفعلُه يسوعُ في تلك الحالة، إفعَلِ الشيء ذاتَه! وإذا قُمت بذلك، فأنت تُحِبّ.

قصّ أحدُ أصدقائي (إحدى صديقاتي، المقصود قد يكون رجل أو امرأة) لي عن نِقاش سأل فيه أحدُهم عن رأي الكنيسة حيالَ الخِيانة الزوجية. طرح السائلُ السؤالَ ثلاثَ مرّات بكلمات مغايرة، وهو يبرِّر خيانةَ زوجته بطُرق مختلفة. وعندما أشار صديقي، للمرّة الثالثة، إلى الوصيّة السادسة في الكتاب المقدّس - لا تزْنِ- شعر ذلك الشخص بالإهانة والاستياء، وأردف مستفسرًا: ”هل لديك أشخاصٌ أكثرُ تأهيلًا للإجابة على سؤالي؟“ بدت وِجهة نظر الكتاب المقدّس غير جذّابة لدرجة أنّ السائلَ أراد تجاهلَها ليستمعَ إلى إجابة ألطف وأمتع. هنالك الكثيرُ منَ الوصايا الشاقّة بالنسبة لنا في الكتاب المقدّس لأنّها تقولُ ما لا نوَدُّ سماعَه - لأنّنا نتصرّف ونسيرُ بشكل مغاير لما يقوله الكتاب المقدّس. ولهذا السبب، غالبًا ما يقول الناس، ”“ليس ثمّة حاجة للحِفاظ على وصيّة الكتاب المقدّس هذه لفترة بعد الآن .“

هل هناك وصايا في الكتاب المقدّس عَفا عليها الدهر، بحيثُ لا نحتاج إلى الاحتفاظ بها في عالمنا اليوم؟ إنّ ٱبنَ الله - الشخص الأفضلَ منّا للإجابة على هذا السؤال، يُزوِّدُنا بالجواب الصحيح: ”فإنّي الحقَّ أقولُ لكم: إلى أن تزولَ السماءُ والأرضُ، لا يزولُ حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدة منَ الناموس حتّى يكونَ الكلُّ.“ (متّى ٥: ١٨). الكتاب المقدّس هو كلمةُ الله. الله لن يتغيّر، ولن تطرأ أيّةُ تغييرات في ما قاله. إنّ ما يسمّيه الله الخطيئة هو الخطيئة، كانت، كائنةٌ ٱلآنَ وستكون - حتّى لو توصّلنا إلى أسباب وجيهة لعدم ٱعتبارها خطيئة في ما بعد، أو إذا كان ما نفعلُه شائعًا لدرجة أنّه لم يعُد يُعتبر في عِداد الخطايا، أو على الأقل خطيئة كبيرة.

منَ المهمّ أن نُدرك أنّنا أُناسٌ ساقطون، ولهذا السبب، فإنّ أفكارَنا حولَ الصواب والخطأ مشوّهة، أمّا في المقابل فلم يسقُطِ الله. ومن الجدير بالذكر أيضًا أنّ اللهَ لن يُفرّق بين الخطايا العظيمة والصغيرة. وعندما نُخالف وصاياه، فإنّنا نرتكب دائمًا خطيئة عظيمة، بِغضِّ النظر عن مدى عدم أهمية المسألة بالنسبة لنا. لقد علّم يسوعُ المسبحُ أنّ القاتلَ ليس الوحيدَ الذي سيتعرَّض لنار جهنّم، بل كلّ مَن ينعَتُ الآخرَ بلفظة أحمَق. في نظر الله، حتّى الخطيئة الصغيرة هي خطيئة عظيمة.
بطبيعة الحال، هنالك في الكتاب المقدّس بعضُ الأشياء التي بطَل مفعولُها. في الماضي، أعطى الله الوصايا التي كانت جزءًا من العهد القديم، وكان على شعْب إسرائيلَ فقط الامتثال لها، مثلًا الكثير منَ شرائع تقديم القرابين. ويذكُر الكتاب المقدّس نفسُه أنّه تمَّ تأسيسُ عهد جديدٍ، ولم تعُد تلك الشرائع والأوامرُ سارية المفعول. مات ٱبنُ الله على الصليب، فغفر آثامَ العالَم كلِّه وجلب البِرَّ للجميع، ولهذا السبب، لا يجِب علينا، بل يجب علينا ألا نحفظ الوصايا الكثيرة في شريعة النبيّ موسى. إنّ الامتثالَ لها سيتمخّض عن عدَم ٱحترام موت يسوعَ المسيح، حيث أنّنا سنحاول نيْلَ الخلاص من خلال أَعمالنا نحن، على الرغْم من أنّ يسوعَ المسيحَ قد أعدَّه لنا ويريد منحَنا إيّاه هديّة.

في الجنّة، جعل الشيطان الناسَ يشكّون في كلمة الله. أتى الشيطان بعُذر لتجاوز وصيّة الله البيّنة الصريحة ولجعْلِهم يُخطئون. والشيطان لا يزال يعمَل بالطريقة ذاتِها. إنّه يأتي بتفسيرات وتأويلات لعدَم وجوب أخذ هذه الفقرة أو تلك في كلمة الله على محمل الجِدّ. إنّ الصوتَ الذي يسخَر من الكتاب المقدّس أو ينصَح بالتصرّف بشكل مختلف عمّا يقوله الكتاب المقدّس هو منَ الشيطان، حتّى لو كان ذلك الصوت يتكلّم بأُسلوب حضاري معقول، وبطريقة مُفعمة بالحبّ. هذه، إن وُجدت، هي مسألة صراع روحي. هل سنستمع إلى روح الله القدّوس أو للشيطان؟ إنّ روحَ الله ترغَب في أن نقترب أكثرَ من الكتاب المقدّس، بينما ينوي الشيطان أن ينتزعَنا عنه.

ليس كلّ ما يُطلب منّا القيام به أو تجنّبه يستنِد إلى الكتاب المقدَّس. لا يزال هنالك الكثيرُ منَ التقاليد التي من صُنع الناس، وقد يُطلب منّا الاحتفاظُ بها. إذا ٱعتُبِرت وصايا وأوامرُ البشَر على أنّها مساويةٌ لكلمة الله، وطُلب منّا الحِفاظ عليها، فإنّ كلمة الله تكون مبتذلَةً محتقرة - لأنّ أفكارَ الناس جُعِلت مساويةً لكلمة الله. عندما يُطلب منك أو يُحظر عليك القيامُ بشيء ما، اسأل أين ورد الأمرُ بذلك في الكتاب المقدَّس. إذا لم يتمَّ العثورُ على مِثل هذه الفَقْرة، فعندها لا حاجةَ للاحتفاظ بالأمر.

إنَّ كَسْرَ وصايا الله لأمرٌ خطير، وهنالك، على الأقلّ، ثلاثة أسباب لحُدوث ذلك:

١) الله قدّوس.

إنّ إهمالَ كلمة الله هو إهانة لقداسته. منَ الممكن أن يتحمّل اللهُ وقاحة الناس وغطْرستَهم لوقت طويل، ولكن عاجلاً أم آجلاً، سيتأجّج غيظُه. قد يُواجه فرد أو أمّة بأكملها غيظَه في هذه الدنيا حتّى. سيُواجه مزدَرُو وصايا الله المحاكمةَ، على أبعد تقدير، بعد زوال هذه الحياة، عندما يقف الجميع أمامَ الله وتبدأُ الدينونة.

٢) إنّ خرْقَ وصايا الله يفصِل الإنسانَ عنِ الله.

إنّ الخطيئةَ تُفسد الضمير وتلوّثه، وكلّ من يحيا بضمير رديء، سيبقى بعيدًا عن الله. وكلّما خرقتَ وصايا الله، كلّما ٱبتعدتَ وٱنحرفتَ عنِ الله. إنّه أسوأُ ما يُمكن أن يحدُث لأيّ شخص، لأنّنا مُعَدُّون للعيش جِوار الله. إنّ إهمالَ وصايا الله سيفصِلك عن الله مرّةً وإلى الأبد. يُطلِق الفصلُ الأخير عن الله اسم الدمار أو الهلاك السرمديّ.

٣) وصايا الله هي قانون الحياة.

إذا تمَّ الاحتفاظُ بها، فمنَ الأسهل بكثير العيش في هذا العالَم، وإذا لم يتمَّ الاحتفاظ بها، فسيكون هذا العالَم الأسوأ. إنّ قانونَ الله يُرشدُنا للعيش بطريقة سليمة. وللوصايا واجب هامٌّ آخرُ أيضًا؛ إنّها مثلُ المِرآة التي تكشِف ما نحن عليه. عندما أسمعُ كيف عليّ أن أحيا، فإنّي أُواجه سؤالًا عسيرا، ”هل أحيا بشكل صحيح؟“ إنّ جميعَ الذين يفحَصون أنفسَهم وحيواتِهم بإخلاص وأمانة، يُدركون حتمًا أنّ هذا لم يحدُث. شخصٌ ما قد خرَق وصايا الله بطريقة ما، وآخرُ بطريقة أُخرى، وكلّ واحد منّا يفعل ذلك بطُرق كثيرة. إنّ الله يكرَه ذلك ويمقُته، وبالتالي فإنّ كلَّ واحد منّا سيكون معرّضًا لدينونة الله.

هنالك من يشعُر بأنّه لا يجِب إعلانُ ونشْر وصايا الله - فإنّ كلَّ ما نحتاجُه هو إنجيل سهْل لطيف، ولكن الأمر ليس كذلك! تُصبح أفكارُنا وآراؤنا حولَ الصواب والخطأ أكثرَ ضبابية، إذا لم يُسمح لكلمة الله بتعليمنا المفاهيمَ السليمة. ونحن بحاجة إلى وصايا الله، وبخاصّة من أجل تلبية حاجتنا الدائمة ليسوعَ المسيح. بدون الناموس، سنعتقد بأنّنا جيّدون صالحون بحيثُ يُمكننا إرضاءَ الله بحيواتنا. هذا الوهم يؤدّي إلى عذاب النار. والناموس يهشِّم هذا الوهم، ويكشف حقيقتَنا، شرّنا، ويجعلُنا نسيرُ إلى يسوعَ المسيح متوسّلين مغفرته ونيلها.

هناك حاجةٌ إلى الناموس، لكنّه لن ينقذَ أحدًا لأنّه لا يُمكن لأيّ شخص الحفاظُ على شريعة الله بشكل جيّد بما يكفي لله. إذن، ما الذي يُنقذُنا؟ إنّه الإنجيل، وإنجيل الله، هو رسالةٌ عن يسوعَ والصليب: لقد أُدين ٱبنُ الله، وبالتالي فلا إدانةَ لنا. إنّه ضحّى بنفسه وعليه فإنّ اللَه يغفرُ لنا جميعَ ذُنوبنا وزلّاتنا. يسوعُ المسيحُ أبقى كلَّ وصايا الله، من البِداية إلى النّهاية، لذلك فإنّ اللهَ يقبَلُ أولئك الذين يلجئون إلى يسوعَ المسيح، حتّى لو لم يقبلْهمُ اللهُ في حيواتهم. بموته جلب يسوعُ المسيحُ لنا نعمةَ الله، وعندما نضعُ ثقتَنا في ذلك فسنقفُ أمامَ الله القدّوس.

لكلّ مُنتمٍ إلى يسوعَ المسيحِ تكون نعمةُ الله مأواه وملجأه. والمنتمون إلى يسوعَ المسيحِ همُ الذين تعمّدوا به والمؤمنون به. إنّ الخلاصَ هِبة ؛ إنّنا لا نستطيعُ ولا نحتاجُ إلى جَنْيه بأيّ طريقة منَ الطُرق. إنّها هدية مجّانية لجميع المهتمّين بتسلّمها- بغضّ النظر تمامًا عمّا نحن عليه أو ما بوُسْعنا القيام به. أولئك الذين يُدرِكون أنّهم خُطاة ويستحقّون الديْنونة يُرحبّون بإنجيل يسوعَ المسيحِ الذي هو التكفير عن خطايانا. والناموس، بغضّ النظر عن مقدار الوعظ، لن يخلُقَ الإيمان بيسوعَ. إنّ الإنجيل فقط سيقوم بذلك. والناموس لن يُقوّي الإيمانَ الذي فيه خلاصُنا. إنّ الإنجيلَ وحده هو الذي يقوم بذلك أيضًا.

هلِ الإيمانُ يُقيّد حياتَنا؟ نعم إنّه يُقَيّد. أن تحْيا كمسيحيّ يعني أن تخاف الله. وإنّ الخوفَ منَ الله يعني أنّي معتمدٌ كليًا على الله - وحياتي تستندُ كُليًا إلى ما سيمنَحُه الله لي، وما إذا كان يرحمُني. لهذا السبب لا أجرُؤ على إِغضاب الله. وإذا أغضبته ورفضني، فستحدُث لي يوميًّا أشياءُ سيّئة لا مَحالةَ. أعرِفُ أنّ اللهَ يكرَه تجاهُلَ كلمته وإهمالِها. وعليه لا أتجاسرُ على العيش مُتجاهِلاً إرادة الله ومشيئته؛ إذ مِن خلال القيام بذلك، فإنّي أُغيظُ الله، وهذا أمر مُرعبٌ بالنسبة لي. نعم، الإيمانُ يقيِّد حياتي - لا أستطيع العيشَ كيفما اتّفقَ. ولكن الحدود التي رسمتْها وصايا الله هي حدودٌ جيّدة، تحمي الحياة رتصونُها. وإذا ٱمتثلْنا لها، فسنتجنّب الكثيرَ منَ الأُمور السيّئة.

من أين يُمكنُني الحصولُ على القوّة للقيام بإرادة الله ومشيئته؟ لن أحصُلَ عليها بواسطة إبلاغي بدقّة وبصرامة كيف عليّ أن أعيش. الإنجيلُ هو الذي يمنحُني القوّة؛ الحقيقة أنّني أعرِف كم أحبّني الله ويُحبّني. وكلّ من يتسلَّمُ هِبةَ الحياة الأبدية المجّانية من الله يرغبُ في تقديم الشكر والامتنانَ لله؛ وتقديم هذا الشكْر لله هو بمثابة إطاعة إرادة الله ومشيئته في حياتك. والحقيقة أنّي قد أُنقِذتُ بنعمة الله فقط تمُدّني بالقوّة والإرادة؛ إنّي أرغبُ في أن أُطيع الله الذي هو جيّد وطيّب بنحوٍ لا يُصدَّق بالنسبة لي. في الوقت ذاته، ينبغي أن نتذكّر بأنّنا لن نكون كاملين أبدًا، ولا حتّى قريبين من ذلك خلال هذه الحياة الفانية. وحينما نكون في آخر المطاف في السماء، فلن تكون ثمّة أيّةُ خطيئة.